samedi 12 décembre 2015

ظواهر أخلاقية وافدة إلى إفريقيا - قراءة في روافدها وانعكاساتها

ظواهر أخلاقية وافدة إلى إفريقيا
(قراءة في روافدها وانعكاساتها)

إن الاغترار بالثقافة الغربية ومن ثم الانجراف بأشكال متهورة وراء الحياة الغربية، قد أصابت طامتها الكبرى إفريقيا والأفارقة إلا من سلّم ربه، وتتشكل ضحاياها الأولى من الشبيبة الإفريقية التي باتت تئن من ويلاتها الوخيمة، ولقد راح السواد الأعظم من الشباب الأفارقة يبحثون في مزابل الحياة الغربية الموبوءة منتقين منها أرذلها، آخذين ذلك نموذجاً رائعاَ للحياة الأفضل، رامين وراء ظهورهم بالقيم الإنسانية والأخلاق الحسنة، متجردين تمام التجرد من القيم الإفريقية الأصيلة التي ميزت حياتهم في كل مساراتها، وقد يشاطرني القارئ الرأي إذا قلت إن الفساد الأخلاقي قد أضحى ظاهرة عالمية تقض مضاجع المجتمعات في الوقت المعاصر وتهز كيانها، بيد أن تضرر الشبيبة الإفريقية بهذه الظواهر الموبوءة أعظم وأجسم، وعواقبها عليها أشد من غيرها.

إن القرى والبوادي الإفريقية التي كانت معروفة بأصالة الأخلاق وحشمة الحياة، والمروءة والكرم، صارت اليوم عاجة بظواهر أخلاقية سمجة توعد الله تعالى عليها، وتتهدد كيان خير أمة أخرجت للناس، حيث لا يكاد يسلم من انعكاساتها لا ناضج ولا مراهق، بل وبات المجتمع يدفع باهظاً ثمن هذه الظواهر الطافية على سطح الواقع الإفريقي.
 وإلى هنا، سوف أسلط الضوء على تلكم الظواهر العظام التي بدأت تجلب غضب الله على البلاد والعباد على حد السواء، إنها الموبقات التي أهلك الله بسببها أمماً خلت، وشعوباً مضت، مدمراً دياراً كانت رمزاً حيا للقوة ومثالا سيئا للطغيان والتجاسر، ومسكنا للجبابرة والمتسلطين، وأعتقد أن السكوت عن هذه الجرائم الأخلاقية الدنيئة التي يجاهر بها الخلق ويتباهون بها، يعد في نظري مذمة كبيرة بينما التنديد بها من أجل تحذير الخلق من مغبتها على الأفراد والمجتمع كتابة، ومحاضرة هادفة وقويمة يستند إلى الحكمة والموعظة الحسنة، يعتبر نفاحا عن الإنسانية وأخلاقها بالكامل.
وسأسجلها طاهرة ظاهرة معالجا إياها على النحو الذي يلائم خطورتها بيانا لها حني يشري الوعي بها في الأوساط الاجتماعية ويتجنبها الخلق بحول الله قال الله تعالى وعز من قائل: (﴿ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين﴾ (سبأ: 20)
أولا: شذوذ الرجال وسحاقة النساء:
إن دعارة الرجال وبالأحرى المثلية الجنسية المعروفة في الدراسات الجنسية بالشذوذ الجنسي، ظاهرة قديمة في تاريخ البشرية، ولقد أهلك الله تعالى بسببها قوم لوط فقال حكاية عنهم:(أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون﴾ (الشعراء:166) ومنذ ذلك الحين، ما تزال الأمم والشعوب تتعاطى هذا العمل القذر المخل بالأدبيات الإنسانية والمخالف لكل القيم، وهو من التركة الخبيثة التي توارثتها الإنسانية جيلا عن جيل، متجاهلة العقوبات الشديدة التي توعد الله بها الفاعلين.
إنني لن أكون مبالغا إن قلت إن الشذوذ في صفوف الرجال والنساء منتشر اليوم في القارة من الأقصى إلى الأقصى، وتكتظ البلاد بشكل فاحش ومهول بنواديه التي يرتادها الناس من مختلف الأصناف، ولقد بات مرتعا خصبا لغالبية الشباب ممن يقتاتون منه قاضين الليالي الحمراء بالعلب الليلية في كنف أشخاص يسخرون ثراءهم للرذيلة، وأما سحاقة النساء فلا تختلف من حيث الانتشار عن شذوذ الرجال، وفشو الظاهرتين ملحوظ عبر القارة، ونجد روافدهما ومواخيرهما في الكثير من البلدان الإفريقية، ومن المفيد هنا القول إن المصطفى عليه وآله الصلاة والسلام قد نهى في حديث له عن إفضاء الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة.
غير أن المثير للإعجاب في قضية الشذوذ هو أن الشواذ يطالبون اليوم حكومات بلادهم بالترخيص لهم ومنحهم كل الحقوق التي تجيز لهم ممارسة هذا العمل الشنيع الذي لا يشرّف الإنسانية البتة، وفعلا استطاعوا في بعض الدول أن يخطفوا إلى أنفسهم أنظار دعاة الحرية الأخلاقية وبالأحرى دعاة الفساد والرذيلة ممن تعج بهم أوروبا وأمريكا، أولئك الذين نصبوا أنفسهم حماة لخلق الله في أرضه، وما لبثت مطالباتهم غير هنيهة حتى حظيت بالقبول والتأييد الفوري في جنوب إفريقيا التي تعد اليوم من أوائل البلدان الإفريقية التي رخصت للمثلية الجنسية (شذوذ الرجال وسحاقة النساء)
هذا، وقد فشلت مطالباتهم في البلاد السنغالية التي تصدى لها الشعب السنغالي الواعي في مظاهرات غاضبة رجت الأرض السنغالية رجة عنيفة وحفزت الغيورين على دينهم وقيمهم وعاداتهم السنغالية الأصيلة على مقاومة هذه الظاهرة التي تهدف إلى تقويض الفطرة الإنسانية وتعطيلها، فكان النموذج السنغالي ضربة قاضية للشواذ السنغاليين، وما تزال الأصوات متعالية عبر القارة والتي تدعو إلى الاقتداء بجنوب إفريقيا، ولا شك أنها ستجد التأييد يوما ما خصوصا أن البلاد الإفريقية محكومة بسقف علماني يرحب بكل ما هو طالح، وإن هذا من الأسباب التي جعلت الساحة الإفريقية سوقا للأخلاق البذيئة والعقائد الفاسدة.
وعلى مستوى آخر، نلحظ اليوم عبر القارة، بغربها، وجنوبها، وشمالها، ووسطها، الانتشار المهول لمواخير الدعارة التجارية، وهي أماكن تختلف مسمياتها باختلاف البلدان، ويبقى القاسم المشترك بينها أنها دور مجهزة للتقحب والفساد، وتسمى في بعض البلاد مثلا بــــــــــ Maquis أو بــــ Chambre de Passage أي (غرفة المرور)، بينما تشتهر محليا في غينيا كوناكري بـــــــــ موتيل(Motel  ) ويكاد عدد هذه الدور التي لا نجد فيها إلا المجون والعربدة يفوق عدد مساكن البلاد برمتها، بدليل أن المرء يجد العدد العديد منها تراص أمامها ليلا ونهارا السيارات الفاخرة، وسلعتها هي بنات الهوى ممن رمت بهمن أقدارهن المتعثرة في هوة الرذيلة والفساد.!!، إن شذوذ الرجال وسحاقة النساء قد باتا ظاهرتين مقلقتين للغاية، لاسيما للأسر المسلمة التي مال معظم أولادها إلى هذا السلوك السافل.!!!
ثانيا: تشبه الجنسيين بعضهما ببعض:
إن موازين الحياة الأصيلة قد فقدت قيمتها وكل معالمها، وانقلبت مبادئها رأسا على عقب، لقد خلق الله الجنسيين (الذكر والأنثى) على هيئة خاصة تميز كلا منهما عن الآخر، غير أن الملاحظ في الحياة الإنسانية الراهنة، هو أن الموازين الأخلاقية قد تغيرت بشكل فظيع، وتحولت الحياة البشرية إلى الحياة البهيمية التي ترتكز من الدرجة الأولى على إشباع الغريزة بأي وسيلة كانت، والمؤسف اليوم حقا هو أن بعض الرجال قد رموا برجولتهم في المزابل وصاروا  يتشبهون بالجنس الآخر في تضفير الرءوس وتثقيب الآذان وتبييض الأجساد على شاكلة النساء، وإن هذا مما نلاحظه في شوارعنا، بل وأن المدارس التي كنا نأمل أن تنتج القادة والنخب والمفكرين ورجال الدولة الأعاظم، يسهمون في البناء الوطني وحقل التنمية المستديمة وينافحون عن عقيدتهم ضد المعادين لهم، فإذا بالغالبية منهم يتشبهون بالنساء في الأشياء الخاصة بهن، تكلما، ومشية، وزينة، وهنداما... وأي مستقبل سيكون لأمة حال شبابها كهذا.!!! 
وعلى النقيض من ذلك، نجد النساء يتشبهن بالرجال محلقات رءوسهن لابسات السراويل اللاصقة متبرجات مبديات المفاتن التي تربك المراهق وتبلبل الناضج، مدعيات الحرية التي جلبت عليهن وصمة العار والخذلان، وجعل معظم الرجال الأفارقة لم يعدوا يقيمون وزنا للمرأة الإفريقية خصوصا الفتيات اللاتي أصبحت غالبيتها أمة للمادة التي تطوعها لكل ما لا يشرفها.
ولقد بلغ الاغترار بنماذج الحياة الغربية الوافدة بجماعة من الشبيبة الإفريقية إلى أنهم يميلون إلى تغيير الجنس من الرجولة إلى الأنوثة أو إلى العكس، وأعتقد أن هذا هو التغيير الحقيقي الذي توعد عليه إبليس الملعون بني آدم حيث قال أخزاه الله: ﴿ ولأمرنهم فليغيرن خلق الله... ﴾ (النساء: من آية: 120) وبذلك يكون قد صدّق على بني آدم ظنه كما قال تعالى: ﴿ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين﴾ ( سبأ: 20) سبحان الله، لقد كانت الشعوب والأمم الإفريقية سابقا تقلقها مشكلة انتشار الخمور والمخدرات بأنواعها المختلفة التي خلقت الجنون في صفوف أبنائها، ولكن قلقها في الوقت المعاصر تجاه شذوذ شبابها وسحاقة بناتها أضحى الأكثر والله المستعان.
الروافد الخارجية:
وبالنسبة لهذه الروافد فإنها تتمثل في أمرين كبيرين: أحدهما في الاحتلال الذي جاء ليغير المعالم الأخلاقية في إفريقيا، ومعلوم أن الحشمة كانت السمة البارزة للحياة الإفريقية حتى على أوج الوثنية، ولما جاء الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، رسخ بشكل عميق هذا المبدأ في الساحة الإفريقية، بيد أن البلاد الإفريقية ما لبثت أن فقدت توازنها الأخلاقي والعقدي والاجتماعي حينما تعرضت للظلم الأجنبي الوافد الذي لم يكتف بتحويلهم عن عقيدتهم الغراء بقوة النار والحديد وإنما بطمس المعالم الأخلاقية الفاضلة التي كانت تؤطر الحياة الإفريقية، وأما الثاني، فإنه يتجسد في التقدم التكنولوجي الرهيب الذي يواكب حياة البشر، ممثلا في الشبكة الالكترونية العجيبة الانترنيت الذي يجسد اليوم رافدا من روافد الانحطاط الخلقي لما ينشره من الأفلام المائعة والصور الخليعة المثيرة، وليس خافيا على أحد منا اليوم اهتمام الشباب وربما المراهقين بالمواقع الماجنة، وهذا دون نسيان الصحف والمجلات التي لها الإسهام ذاته في توسيع هوة الانحلال الأخلاقي بإفريقيا.
الروافد الداخلية:
وبالدراسة الفاحصة للواقع الإفريقي المعاش، نلحظ أن الروافد الداخلية يمكن تقسيمها إلى الذاتية والموضوعية، وقد أسهمت كلتاهما بصورة أو بأخرى في فشو هذه الظواهر غير الأخلاقية، فالذاتية تكمن:
أولا: في الفقر المدقع الذي يدفع معظم البنات الإفريقيات إلى ممارسة التجارة الجسدية السمجة، ولقد صار ذلك في الوقت الراهن مرتع الغالبية منهن.
ثانيا: في انكسار جذور التربية المنزلية المتجسدة في كون معظم الآباء والأولياء قد استبدلوا التربية الحسنة بتلك الخبيثة الملفقة باسم الحرية والتقدم، حيث يعتبر أكثرهم للأسف الشديد التربية الأصيلة غير ملائمة للعصر تاركين الأطفال من الجنسين يقررون مصيرهم الأخلاقي بأنفسهم حتى فشا بينهم ما يسمى بــــــــCopinage أو Petite Amie أي الصديق أو الخليل، وعلينا أن نتصور إذن حجم الخطورة الذي ينجم عن العلاقة الحميمية بين الفتى والفتاة اللذين يتخذان بعضهما صديقا، ولقد انقلبت الموازين فعلا حيث صار الفأر يصاحب القط أمر مثير للدهشة والذهول.!!!!!!!
ثالثا: في ابتعاد الكثير من لأفارقة عن الدين مسلمين كانوا أو غيرهم واستخفافهم بالتعاليم الفاضلة والحميدة التي جاءت بها الأديان ومعلوم أن الأديان كلها جاءت بمكارم الأخلاق.
رابعا: في الاستخفاف بالثقافة المحلية الموروثة وعدم الثقة بها أمام تلك الأجنبية الوافدة.
وأما الموضوعية فتتجسد :
أولا: في كون الحكومات الإفريقية غير قادرة على توفير الحياة الأفضل لشعوبها مع أن كل الإمكانات التي من شأنها تحقيق ذلك متوفرة، ولكن انعدام الروح الوطنية في القادة يحول دون ذلك، لأن تلك الثروات التي تزخر بها إفريقيا إنما تذهب في جيوب الخاصة الذين يركلون شعوبهم ويدسونهم في التراب غير مبالين بعويلهم المتواصل.
ثانيا: في تلك النخب الفاسدة التي تغرد في المحافل بتلك الحرية المنحطة.
ثالثا: في كون الأجهزة الإعلامية الخصوصية بسموعها ومقروئها ومرئيها والتي تعج بها أوطاننا تمثل دورا خبيثا في تحويل الشبيبة الإفريقية عن القيم الفضلة إلى القيم المنحطة بتزين السوء لهم بدعوى الانفتاح الحضاري والحرية الفردية التي تنعق بها في آفاق البلاد، مؤيدة العلاقات غير الشرعية عبر الحوارات التي تنظمها على الهوى، مما جعل هذه الشبيبة مولعة بالفساد حتى النخاع، ناقلة إلى مسامعها البرامج العاطفية المائعة، وللعلم فإن المهنية وشرف العمل معدومان في أكثرها.
رابعا: في الحروب الأهلية المتكررة في القارة والتي تؤدي باللاجئين واللاجئات في تلك الظروف القاهرة إلى ممارسة الرذائل من أجل المادة الهزيلة، والتاريخ شاهد على الخسائر المادية والروحية الجسيمة التي تنجم عن هذه الحروب المميتة التي تندلع في غرب القارة ، وجنوبها، وشمالها، ووسطها، وتسفر عن النزوح الجماعي إلى البلدان المجاورة، وكثيرا ما يحمل أولئك النازحون الأخلاق البذيئة كما وقع ذلك لجمهورية غينيا كوناكري التي كانت ضحية الأخلاق الوافد إليها من لاجئي كل من ليبيريا، وساحل العاج، وسيراليون، وغينيا بيساو، أولئك الذين لطخوا المجال الغيني بالسفور والدعارة والشذوذ والسحاقة وسيطول الكلام جدا إن أردت أن أتحدث عن ارتباط ذلك بانتشار الكحول والمخدرات،  فمن في إفريقيا لم ير أو يسمع عن تلكم المواخير التي تتفشى في إفريقيا نتيجة الحروب الأهلية التي تؤزم الوضع الأخلاقي الطافح بما بندى له جبين الأفارقة الشرفاء.؟؟؟؟
الانعكاسات:
وترتب على فشو الشذوذ والسحاقة والعلاقات غير الشرعية العواقب الوخيمة على الأفراد والمجتمع أذكر منها:
أولا: انكسار جذور الأخلاق ومن ثم انتشار الأمراض الجنسية المتنقلة التي أماتت خلقا عظيما من عباد الله، بل ولا يزال يقتل أيضا، هذا الطاعون الذي ما يزال الطب بالرغم من الآليات الرهيبة التي توصل إليها أن يضامه، فمن في مقدوره إعطاء الحصيلة الحقيقية لضحايا هذا الوباء العالمي المميت ؟؟؟ وإذا كانت الشبيبة العالمية تعاني من عواقب هذا الداء القاتل، فإن معاناة الشبيبة الإفريقية أجسم، وحسب الدراسات التي قامت بها منظمة الأمم المتحدة (ONUSIDA) المهتمة بموضوع السيدا في إفريقيا، فإن نسبة الإصابة مرتفعة جدا في هذه القارة ويكفي لمزيد من البيان والتوسع أن يطلع المرء على التقارير التي تنشرها الهيئة الأممية.
ثانيا: فشو الخيانة الزوجية التي صارت من موضة العصر، بل وملاذا لمعظم الرجال والنساء، فلم يعد عرى الزواج مقدسا بالمرة، نتيجة ارتماء معظم المتزوجين في أحضان العاهرات، ولهث المتزوجات وراء بريق المادة الزائفة التي لا تساوي شيئا في ميزان الشرف والكرامة، فمن في إفريقيا لم تداعب أذنيه قصص الخيانة الزوجية.؟؟؟ وكم من أسر فككتها هذه الظاهرة بسبب الشكوك التي أثارتها حول شرعية الأولاد.؟!!! إنه الجريمة الأخلاقية التي تهدم المجتمع الإفريقي.!!!
ثالثا: انتشار العنوسة بين الفتيات وعزوف الشباب عن الزواج، وهذا بديهي للغاية لأنه ليس من المنطق في شيء أن يتزوج المرء فتاة غير صالحة، إنه الهوس الذي يطارد الشباب، وكل هذا نتاج المجون التي عمت بلواها البلاد والعباد والديار، ويكفي أن يجوب المرء شوارع المدن الإفريقية ويصول في المجامع العمومية، ولا شك في أنه سيصدم صدمة مهولة حينما يرى تلك الطامة الأخلاقية الكبرى التي تنذر بالسوء الذي سيحل بالإنسانية قريبا.
رابعا: غياب الحياء خصوصا في صفوف النساء اللاتي يعد الحياء سمة أساسية لها، واليوم يكاد الرجال الأفارقة يكونون أكثر حشمة منهن، فكل موازين الكرامة والشرف تكاد تنعدم لدى الغالبية منهن بسبب سفورهن المتجاوز للحدود المعقولة.


حلول ومقترحات
إن العمل من أجل الحد من هذه الظواهر والحيلولة دون انتشارها يتطلب عمليا جماعيا مسئولا، فلا بد من الاحتكام إلى الضمير الإنساني الشريف، قصد إنقاذ البشرية من عواقب قد تحل بها قريبا، فالكل مطالب بالقيام بما يكون في حدود طاقته وإمكاناته، وحتى تكون هناك نتائج مرضية، يتعين على طبقات المجتمع وكافة شرائحها القيام بالدور المقدر حيال هذه القضايا الأخلاقية المقلقة، فالدولة باعتبارها الجهاز الأعلى عليها أن ترفض التصويت على أي قانون يجيز المثلية الجنسية، لأنها مخالفة مضمونا وشكلا للعادات الإفريقية، وقد لمسنا  ذلك في تصريحات عدد من الرؤساء الأفارقة الذين يرفضونها بالمرة، ولا تنفع في هذه المعركة فلسفة الحريات الفردية ولا الأخلاقية وكذا نظرية علمنة الدولة والتي هي رأس كل البلوى في إفريقيا، ولا يجدي ذلك أمام خطورة تروم إعاقة استمرارية النوع البشري. وإطار تصريحات السلطات الإفريقية، نرى أن المتحدث باسم البرلمان الغيني في مقابلة عبر الإذاعة والتلفزة الغينية ( RTG ) في شهر مارس المنصرم من هذا العام 2014 صرح بأن الإشاعة التي مفادها أن البرلمان يريد التصويت على قانون يجيز المثلية في غينيا، والتي أثارت زوبعة كبيرة في الدولة، أنها عارية تماما عن الصحة مؤكدا أن البرلمان يمثل  الشعب ولن يتبنى قانونا يكون ضد إرادته، وخاصة مثل  هذا السلوك المخالف للدين والفطرة الإنسانية، مبينا أن ذلك ليس من أجندة البرلمان أصلا... كلام قطع دابر الإشاعة.
وأما الشئون الاجتماعية بخصوصياتها المختلفة، فيتعين عليها توسيم التوعية الشاملة في الوسط الاجتماعي على الوتيرة الهادفة والقويمة، وأما الأجهزة الإعلامية التي لها التأثيرات على المواطنين سواء من ناحية الإشهارات أو من جهة البرامج الإعلامية المختلفة، فالواجب على العاملين في هذا المجال الحساس أن يلتزموا بالمهنية في البرامج التي يبثونها، وأن لا يروجوا لتلك البضاعة المسمومة، مبينين خطورتها على الأفراد والمجتمع بل وعلى الحياة بالكامل,             وأما الفعاليات الدينية، فمعلوم أن الأديان كلها تدين المثلية بل وتدين كل ما بعاد القيم، لهذا، أهيب بالدعاة والواعظين والخطباء والمنظمات الإنسانية والخيرية أن تكثف الجهود في تعزيز الوعي الاجتماعي والوازع الإيماني في نفوس الناس الذين يكاد إبليس يصدق ظنه على الكثير منهم، من خلال الخطب والمواعظ الهادفة التي تعالج هذه المشكلات الأخلاقية التي تتهددنا، بالاستناد إلى الحكمة وعملا بالنصيحة التي نكون لكافة الناس، وأما المؤسسات التربوية فدورها أكبر لأنها تشكل ملتقى للمكونات البشرية التي يتكون منها المجتمع، فكل التوجهات الدينية موجودة فيها( المسلمون، المسيحيون، الملا حدة أو لا دينيين)  ونعلم أن هذه الشرائح على اختلافها تدين هذا الجرم الأخلاقي المشين. وأما عامة الناس فعليها بالنصح فيما بينهم وتوعية بعضهم بعضا بمخاطر هذه الظواهر الأخلاقية الوافدة إلى قارتنا وتذكير بعضهم البعض بوعيد الله في ذلك حتى يستنير الرأي العام ويشري الوعي في الوسط الاجتماعي إن شاء الله.
غير أن الآليات التي من شأنها تحقيق مشروع المحاربة فكثيرة ومتعددة، وأوجزها في قيام المنظمات الإنسانية والجهات الخيرية المهتمة بالقضايا الإنسانية والصحة العمومية بدعم الفعاليات الثقافية والدعوية على إقامة الندوات والمحاضرات التوعوية في المساجد والكنائس والمجامع العمومية لإعلام الناس بالخطر المحدق بنا، علما أن ذلك يندرج في الوقت المعاصر ضمن الواجب الإنساني والديني والمعرفي حفاظا على القيم الفاضلة ودرء للقيم المنحطة، ولن يكون ذلك عسيرا على الغيورين على الأخلاق خصوصا إذا عزموا على المحاربة جاعلين المصلحة الإنسانية فوق الاهتمامات،  وهذا ما يعيه اليوم تجمع مثقفي اللغة العربية للتنمية في غينيا أحد أكبر تجمع شبابي في الجمهورية، والذي يتخذ مقره في العاصمة كوناكري، حيث يعتزم بالتعاون مع فعاليات شبابية أخرى أن يقيم تظاهرة توعوية شاملة حول المثلية الجنسية بغينيا في الأيام المقبلة إن شاء الله، وندعو بهذا الخصوص كل الفعاليات الشبابية عبر إفريقيا أن يحدوا حذو هذا التجمع في محاربة هذه الظاهرة، فاللهَ أسأل أن يسدد خطى خدمة الإنسانية وأن ينجينا بلطفه من هذا البلاء العارم، إنه نعم المولى ونعم النصير.
توصيات
لن تسعد الإنسانية ما لم تعد إلى الحدود الأخلاقية التي رسمها الله تعالى على لسان النبي الكريم عليه وآله الصلاة والسلام، ((إن السلوك الأخلاقي يجسد في الإسلام روح الإسلام وحقيقته ونظامه، والأخلاق الإسلامية هي صالحة للبشرية ما دامت على الأرض، وطابعها الثبات وعدم التحول أو التبديل، لكونها إلهية مستمرة فيها صلاح العباد، مما جعل الأديان كلها اهتمت بالتربية الخلقية كهدف لبناء الأمم والحضارات، باعتبار الأخلاق أسمى أهداف التربية، لأن المقصود منها هو تقوية الناشئ على السلوك الحسن، والأخلاق مجالها الحياة كلها، وسلوك الإنسان كله وعلاقات الإنسان المختلفة بربه ونفسه، وبالناس والمخلوقات كلها،  لأن السلوك الحسن إزاء هذه المجالات، هو الذي يحقق للإنسانية السعادة والرضا في الدنيا والآخرة))(  التربية الأخلاقية  في كتاب أصول الفكر التربوي الإسلامي د/ عباس محجوب ص:158 وما بعدها).    
أخي الشاب أختي الشابة، إن الشذوذ الجنسي الذي صار مرتعا خصبا في العالم، ليس فيه إلا هلاك الإنسانية، ولا يهدف إلا إلى تقويض هذه الإنسانية، ولقد كان سببا من أسباب هلاك قوم النبي لوط عليه السلام، وأكيد أنه سيكون حتما من التهلكة التي ألقى معظم الشباب بأنفسهم إليها، وليس خافيا علينا المخاطر الصحية التي تتهدد الأمم والشعوب في الوقت المعاصر نتيجة تلكم الموبقات المنتشرة بين ظهرانينا، ولا تنسوا، أن ما نعيشه من مشاكل صحية واقتصادية وطبيعية... ما هي إلا عقوبة إلهية لتمرد الإنسان على الفطرة السليمة. فإياكم إذن والشذوذ والعلاقات غير الشرعية، وتذكروا جيدا، أن النزوة العابرة في لحظات الطيش قد تدمّر حياتكم كلها، والحياة كما تعلمون غالية لا ثمن لها، فلا تفرّطوا فيها ولا تغامروا، وعليكم بمراقبة الله تعالى في السر والعلن، وقد قال مَن لا ينطق عن الهوى: ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا...)(راجع الحديث بطوله في سنن ابن ماجة في كتاب الفتن برقم 4009) ﴿وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾(العنكبوت 40)
شاكرا أخير إدارة المجلة على إتاحتها الفرصة للشباب الأفارقة لمعالجة القضايا وحل المشاكل الإفريقية عبر هذا الفضاء الإعلامي الذي بات صرحا من صروح التنوير بإفريقيا داعيا المولى للقائمين عليها بالتوفيق في مسيرتهم المهنية.
إنما الأ مم الأخلاق ما بقيت  ***  فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
د/كوناتي موسى عمر
كاتب وباحث من جمهورية غينيا كوناكري
للاتصال:00224666560504

البريد الإلكتروني:kkonate65@gmail.com 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire