الإبولا في جمهورية غينيا كوناكري من الاكتشاف حتى اليوم
د.كوناتي
موسى عمر.
أحمد موجد الوجود، ربي ورب هذا العالم والعالم الآخر، مصليا على من لم ينطق عن
الهوى، هذا النبي الكريم الذي كانت بعثته رحمة مهداة للعالمين، فصل اللهم عليه
وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام أما بعد.
فإن الشعب الغيني يعيش حالة الذعر والإرباك نتيجة ظهور مرض غير مألوف، هذا
المرض الذي أربك الغينيين خصوصا والمنظومة الصحية عموما، وحسب المتخصصين في
القضايا الوبائية مجمعون على عدم وجود أي مضادات طبية في الوقت المعاصر، والتي من
شأنها إيقاف تزايد هذا الوباء.
غير أننا عند ما نقرأ مجريات الحياة الإنسانية الراهنة، باحثين عن العوامل
الجوهرية وراء القلق والإرباك اللذين ينتابان الإنسانية أفرادا وجماعات، سنجد بلا
شك أن هذا القلق وذاك الإرباك متصلان بالسلوكات التي تسبب غضب الله وتجلب سخطه
وتثير جنوده التي لا قبل لأحد بها، وتتجسد في المعاصي التي يجاهر بها الخلق في
البر والبحر.
وحينما نصافح الظواهر التاريخية عن
الوعي والبصيرة بخصوص الهلاك، والسحق، والخسف، والصيحات، والغرق، وغير ذلك من
أنواع العقاب الذي حل بأمم مضت، وبشعوب خلت، سنجد كل ذلك مرتبطا بالمعصية ومتصلا
بها، ويعظم البلاء حينما يرتبط بالمجاهرة بالفحش في النوادي كما قال تعالى حكاية
عن أقوام:(( وتأتون في ناديكم المنكر)) الآية. ولا تكاد أحوال الدول الإفريقية
المنكوبة بهذا المرض المجهول تختلف عن أولئك.
ومنذ ذلك الحين والإنسانية تلقي بأيديها إلى التهلكة التي يصيبها في الأنفس
والأموال والثمرات، فتارة نسمع بغضب الطبيعة المتمثلة في البراكين، والفيضانات،
والزلازل، والعواصف المروعة، وتارة أخرى بالأمراض المعدية المتجسدة في السرطان،
بأنواعه المختلفة، وحينا آخر بالأوبئة التي تتحدى الطب المعاصر بالرغم مما يتوفر
عليه من الآليات العجيبة كامنة في الإيدز هذا الطاعون الذي خلف وما يزال يخلف أيضا
الضحايا عبر العالم، هذه وتلك تشكل جملة جند الله الذي ليس في مقدور أحد من البشر
أن يهزمه (( وإن جندنا لهم الغالبون)) الآية.
إن الحمى الشديدة المسماة في اللغة الفرنسية بـــــ: فيروس الإبولاla fièvre hémorragique a virus Ébola تندرج في جملة هذه الأمراض
وتلك الأوبئة التي أوجدتها العوامل والأسباب ذاتها التي كانت وراء تهلكة تلك
الأمم، ممثلة في الخروج عن الحدود الربانية المؤطرة للحياة الإنسانية.
إن فيروس الإبولا ينضاف في الوقت المعاصر إلى جملة الفيروسات المتنقلة التي
تستأثر باهتمام المنظومة الصحية، ويشكل اليوم قضية صحية مهمة تحتاط منه كل الدول
راسمة كل التدابير الوقائية المستعجلة، وهناك إذن التوجس الكبير منه، وهذا طبيعي
للغاية خصوصا أن الوقاية خير من العلاج.
إن الكتابة في هذا الوباء أحسبها هامة ومهمة في الآن ذاته، لاسيما أن ذلك يرتبط
بالصحة العمومية التي تهم الجميع، الغيني وغيره على حد السواء، وإسهاما في تنوير
الرأي المحلي والعالمي، وددت أن أخصص هذا المقال بهذا المرض الذي تصفه الفعاليات
الصحية بــــ: الخطير والمميت، حتى يشتري به الوعي وبمسبباته الذاتية والموضوعية
التي أهلكت خلقا عظيما في هذه الجمهوريات الثلاثة: جمهورية غينيا كوناكري، وجمهورية
ليبيريا، وجمهورية سيراليون، وحسبي الله في التحليل والمعالجة سائلا جلاله
التوفيق.
الغابة وعلاقتها بالاكتشاف:
إن القارة الإفريقية تتميز بتوفرها على الغابات الكثيفة العجيبة التي يجد
المرء في تلافيها الوارفة الحيوانات المختلفة منها ما هو معدود في عالم الطبيعة من
النوادر، من القرود والسعادين بأصنافها المتنوعة.
وما يجدر بيانه في هذا السياق هو أن نظرة الأفارقة إلى هذه الغابات وإلى تلك
الحيوانات الغابية تختلف باختلاف عقائدهم الدينية وموروثاتهم التقليدية القديمة،
فالبعض منهم مثلا يقدسون هذه الغابات متخذين من كهوفها ومغاراتها المعابد يؤدون
فيها طقوسهم، ذابحين خلالها القرابين التي يقدمونها لآلهة الغابة المصطنعة تزلفا
لها، وقد تكون هذه الآلهة صنما منحوتا من شجر أو من حجر أو حيوان... زاعمين أن ذلك
يحفظهم من الأرواح الشريرة وهكذا، ومن ناحية، نرى آخرين منهم يتخذون من هذه
الغابات مساكن قاطنين في الأكواخ مع زوجاتهم المتعددات، متغذين مما تدر به الغابة
عليهم من الحيوانات الأليفة والمفنرسة، معتبرين ذلك من أرزاق آلهة الغابة.
ولهذا، نجد عبر إفريقيا الغابات التي يسمونها بـــــ: "الغابات
المقدسة" Foret Sacrée la، ونجد الكثير
من هذا النوع المقدس في جمهورية غينيا خصوصا في الإقليم المسمى بغينيا الغابية.
وفي إحدى هذه الغابات، ظهر فيروس الإبولا للمرة الأولى في جمهورية زائير سابقا(الكونغو
الديمقراطية حاليا) في مكان يسمى: Yambuk وذلك في شهر
يونيو من عام: 1976م، وكان هذا الظهور غير المبارك بالقرب من النهر المدعو:
الإبولا، وسجل في هذه المرة الأولى 318 حالة إصابة مشبوهة، جرى الفحص على هؤلاء
المصابين الجدد الذين توفي منهم 218 شخصا، ومن هذا النهر الذي شكل الامتداد اشتق
الفيروس تسميته العالمية: الإبولا منضافا إلى الفيروسات القاتلة.
وبما أن هناك القواسم الجغرافية والطبيعية المشتركة بين الغابات الإفريقية من
حيث الديمغرافية الحيوانية والتقارب الحدودي لاسيما في الغابات النائية التي لم
تستطع الحكومات الإفريقية تحديدها على الوتيرة التي تمكن من ضبط الحركة عليها وعبورها
من قبل الأشخاص والحيوانات الغابية، أمر يساعد بصورة ملحوظة على تسهيل حركة تلك الدواب بين الحدود
ونقل أمراضها إلى البلاد المجاورة.
إضافة إلى هذا، فإن هناك عاملا آخر أكثر سلبية، ويتعلق بالصيد البري والبحري
الفوضوي الذي يستهدف هذه المخلوقات البريئة التي بات الصيادون يرهبونها والذين لا
يلتزمون بضوابط الصيد القانوني، مما يدفع بهذه الحيوانات إلى الهجرة رغما عنها،
باحثة عن المكان الأكثر أمنا بالنسبة إليها، ويا ترى فهل بإمكان هذه المخلوقات
المظلومة التي بات الإنسان المعتدي يزاحمها في عالمها الجميل أن تجد هذا المكان
الآمن بقارة لا أمن للإنسان فيها.؟!!!!
وفي سياق ذلك، نلحظ أن جمهورية ساحل العاج قد أثبتت الفحوصات الطبية التي
أجريت على بعض قرودها وسعاديتها عام 1994م إصابة بعض هذه الحيوانات بفيروس
الإبولا، بيد أنه لم يكن من النوع الخطير.
وحسب المعطيات الطبية التي اطلعت عليها خلال رصد مواد هذا المقال، بان لي أن
نوعا من فيروس الإبولا اكتشف ما بين عامين: 1998م و1990م على بعض القرود والسعادين
التي خضعت للفحوصات الطبية بمختبرات كل من Reston بفرزينيا، وAlice في ولاية تكساس بالولايات الأمريكية المتحدة، وكانت تلك الحيوانات
مجلوبة من بلاد الفلبين.
وغاية ما يمكن قوله هو أن هذا الفيروس حيواني المصدر وينتقل إلى الإنسان عير
الطرق التي يأتي ذكرها في حينها ضمن المقال بحول الله.
طبيعة الفيروس:
بالاستناد إلى أقوال وآراء الأطباء المتخصصين في المسائل الوبائية على اختلاف
بلدانهم، فإنهم يكادون يجمعون على أن الإبولا هو: حمى مصحوبة بالنزيف تنتج لدى بعض
الحيوانات الغابية كالقرود والسعادين بأنواعها المختلفة، وكذا لدى بعض الطيور غير
الداجنة كالوطواط، ينزف المصاب عند استعمال الكنيف وعند التقيء أيضا، فهو إذن حمى
النزيف باللغة الفرنسية: Hémorragique أي النزيف.
طرق الإصابة:
يمكن تقسيم الطرق التي بها يصيب فيروس الإبولا الإنسان إلى المباشرة وغير
المباشرة، فالمباشرة تتحدد في الأمور التالية:
أولا: استهلاك لحوم الحيوانات المصابة بالفيروس، وهذا من أكثر هذه الطرق تسببا
للفيروس لأن بعض القبائل الإفريقية عامة والغينية خاصة لاسيما غير المسلمين منها تستهلك
هذه اللحوم حية أو ميتا، مذبوحة أ جيفة، خصوصا القرود والخنازير الغابية، وكانت
بعض الأسواق الشعبية بالعاصمة كوناكري قبل ظهور الفيروس عامرة بها، وأما اليوم فقد
حظر استهلاكها صيدا وبيعا.
ثانيا: الأكل مما تخلفه هذه الحيوانات من الخضر والفواكه والطريدات.
ثالثا:مس جسم الإنسان المصاب به حيا أو ميتا. فالحي ينقله إلى غيره عبر هذه
المسالك الآتية:
ا-المصافحة المباشرة
ب-مس إفرازاته من: بصاق، وعرق، ودم، وفضلات...
ج-العلاقة الزوجية بين طرفين أحدهما مصاب.
وأما المصاب المتوفى فيتم من خلال الآتي:
ا-الغسل
ب-الدفن
ج-الجنازة الشعبية التي يشترك فيها معظم أقارب ومعارف وأصهار المتوفى الذين قد
يحتكون بالمصابين في مثل هذه المراسيم الشعبية.
علامات الإصابة:
للإبولا علامات تظهر على المصابين، وتتجلى هذه العلامات خلال مدة تتراوح بين
يومين إلى واحد وعشرين يوما، وحينها، تبدأ العلامات في الظهور رويدا رويدا، وأبرز
هذه العلامات تتجسد في هذه النقاط الآتية:
أولا: الحمى الشديدة
ثانيا: الصداع المؤلم
ثالثا: التقيء المصحوب بالنزيف
رابعا: النزيف عند الكنيف
خامسا: أوجاع في البطن
سادسا: الإسهال المضعف
بداية القصة في غينيا:
في شهر مارس المنصرم من هذا العالم الجاري 2014 ، بدأ الغينيون يسمعون عن مرض
غير مألوف في المحيط الاجتماعي، مجهول النوع والمصدر، وكان الأمر في بداية عاديا
للغاية، وظل الناس يتناقل الإشاعات هنا وهناك، وكل واحد يحلل القضية بمنطقه الخاص،
وباتت الأسواق والمجامع ونوادي الشاي تضج بالحكايات والقصص الغريبة.
وفي الأسابيع التي تلت، ثبت الظهور الفعلي في محافظة مدينة "ماسنتا"
الواقعة في ولاية مدينة أنزريكوري عاصمة غينيا الغابية، وكان من مقتضيات الأمن
الداخلي أن خرجت السلطة العمومية عن صمتها لتقطع دابر الشكوك باليقين وتضع حدا
للإشاعة التي عمرت الشوارع، ونورت الرأي المحلي والعالمي بحقيقة الأمر.
قدمت السلطات العمومية تصريحات مفادها أن طبيبا غينيا من منطقة مدينة
"ماسنتا" رحل إلى جمهورية ليبيريا المجاورة، في إطار علاج مريض من أقاربه،
وبعد مهمته، عاد إلى مدينته حاملا فيروس الإبولا الذي حسب التحليلات يمكن أن يكون
ذلك القريب المريض للطبيب الزائر مصابا به، فعاني الطبيب وقد بدت عليه كل العلامات
وما لبث أن فارق الحياة.
غير أن أحدا لم يكن يخطر بباله أن
فيروسا خطيرا ما هو سبب هذه الوفاة التي أعقبتها وفيات أخرى في صفوف الذين شاركوا
في مراسيم الجنازة الشعبية خصوصا أولئك الذين باشروا جثمان الضحية، فلم يكن
الفيروس معلوما كما أن الطرق المباشرة وغير المباشرة التي تسببه لم تكن أيضا
معروفة في هذه المرحلة المبكرة.
وهذه الحالة وغيرها من مراسيم الجنازة الشعبية التي تشهدها مدن وقرى الجمهورية
والمعدودة من العادة الاجتماعية سواء لدى المسلمين أو غيرهم، أسهمت بصورة سلبية
جدا في تعميق هوة الإصابة في غضون أيام على وتيرة كادت تربك المواطنين في الإقليم
المنكوب.
الفيروس في المنظور الشعبي:
وبالرغم من الإصابات المتأكدة والمشبوهة التي سجلت عبر الجمهورية، إلا أن
السواد الأعظم من المواطنين كانوا يتشككون في وجود الفيروس غير مؤمنين بتصريحات
السلطة العمومية ومنظمة الصحة العالمية، زاعمين أن ذلك دعاية من الدولة هدفها
إعاقة الانتخابات البلدية المرتقبة، وربما الرئاسية أيضا والمنتظرة في ديسمبر
2015م، وذهبت أحزاب سياسية من المعارضة تغرد بذلك في آفاق البلاد مشبعة بذلك
مؤيديها الذين شاطروها الرأي.
هذا وقد زادت الطين بلة بعض المنابر الإعلامية بمسموعها ومقروئها ومرئيها التي
لم تستطع أن تعالج مشكلة الإبولا بالمهنية الصحفية التي تحافظ على صورة الدولة،
لأن أكثرها جعلت القضية سياسية أكثر منها صحية، معطية المعلومات الخاطئة للمواطنين
الذين معظمهم من شريحة الأمية.
وعامل ديني آخر كان أكثر سلبية للغاية، تجسد في بعض الخطب الدينية غير الهادفة
التي عالج أئمتها القضية بالسطحية مفندين فوق المنابر أي وجود محتمل لفيروس باسم
الإبولا، زاعمين أن تلك الوفيات التي تحدث إنما هي طبيعية لا علاقة لها بالفيروس،
في الحقيقة لقد كانت تلك الخطب الدينية في غاية السخافة ومنتهى الخرافية، حيث عجز
أصحابها تماما أن يبرروا للناس أسباب الموت الجماعي الذي يرج الجمهورية رجة عنيفة،
وظل هذا التساؤل يحيرهم ومؤداه: إذا نفيتم الفيروس فما هو إذن المرض الذي بدأ يبيد
بعض القرى، فإذا لم يكن الإبولا فلا شك أنه إذن مرض آخر فما هو(( فبهت الذي كفر)) ؟؟؟؟؟
المكافحة وعوائقها:
إن مكافحة الإبولا لم تكن بالأمر الهين بالنسبة للسلطة العمومية التي صادفت مشكلتين
عويصتين:
تمثلت الأولى في هشاشة البنية الصحية التي لا تقدر على
مواجهة فيروس من هذا الحجم الخطير، لذا لم تترد الدولة من الاستنجاد بالمجتمع
الدولي عموما وبالمنظومات الصحية العالمية خصوصا وفي مقدمتها منظمة الصحة
العالمية، وهذا الاستنجاد جاء على لسان الرئيس الغيني البروفسير ألفا كوندي في
مؤتمر إفريقيا وأمريكا الذي نظمته الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة القادة الأفارقة،
وحظي الاستنجاد باهتمام بالغ إذ أعلنت الدولة المنظمة وكذا منظمة الأمم المتحدة
ومنظمة الصحة العالمية والبنوك العالمية عن كامل استعدادها لمساندة الجمهوريات
الثلاثة المنكوبة بالفيروس وهي: جمهورية غينيا كوناكري، وجمهورية ليبيريا،
وجمهورية سيراليون.
وأما الجمهورية الفرنسية فقد تعهدت بمساندة الجمهورية الغينية في محاربتها
الفيروس، وفعلا فإنها قد قامت بتعزيز البنية الصحية الغينية ببناء المراكز الصحية
الحديثة التي تضم المختبرات المجهزة، مزودة وزارة الصحية الغينية بالمتخصصين
الفرنسيين في القضايا الوبائية، ولم تكن الغاية من بناء هذه المراكز هي مكافحة مرض
الإبولا فحسب وإنما للتصدي لأية فيروسات أخرى قد تظهر في البلاد على المدى القريب
أو المتوسط أو البعيد، وتتوفر المناطق المنكوبة أمثال: مدينة كيغدو وماسنتا، على
بعض هذه المراكز، ومركز مدينة أنزريكوري التي هي عاصمة المنطقة الغابية الأكثر
تضررا بالفيروس في طور البناء.
إن مشروع محاربة المرض كان أمر مقلقا للغاية بالنسبة إلى السلطة العمومية
لاسيما أن الأمر كان يرتبط بالقضية المالية التي تحتاجها المكافحة من هذا الحجم
الكبير، فيروس مجهول في بلد ضعيف من ناحية البنية الصحية,
بيد أن الله يسر ذلك في غصون شهور
بفضل الصداقة التي تمتاز بها غينيا مع شركائها العرب والغربيين والصينيين والروس وغيرهم
ممن ساندوها في محنتها، في الوقت الذي قاطعها بعض بني جلدتها الذين أعزلوها
وأغلقوا حدودهم البرية والجوية بينهم وبين شعبنا، فبدلا من نجدة إخوتهم المهددين
بالخطر فإذا بهم يطعنونهم في ظهورهم بالخنجر المسموم.!!!
وأما المشكلة الثانية: فتتعلق بالتوعية في الأوساط
الشعبية لاسيما في القرى والبوادي وكذا في جميع أنحاء الجمهورية قصد إثارة اهتمام
المواطنين إلى خطورة هذا الوباء المميت، ولم تتوقع الدولة البتة أن تلقى في ذلك
أية صعوبات، ولكن كل الموازين انقلبت حينما جهزت السلطة الصحية فرق التوعية من
الأطباء الغينيين مدججين بالآليات التي تحتاجها مكافحة مثل هذا الفيروس، بقيادة
الأطباء بلا حدود، فإذا بعصابة من مدينة "ماسنتا" المنكوبة تتصدى بكل
قوة لهذا الفريق الذي اتهموه بترويج الأمراض فرشقوهم بالأحجار ودمروا تلك الآليات
التي حصلت عليها الدولة بكل عناء، وهدموا المراكز الاحتياطية الصحية المستعجلة
التي تم بناؤها محرضين المواطنين على الفريق، ولحسن الحظ لم يصب أحد منهم بأذى فهربوا إلى مدينة أنزريكوري ونجوا بصعوبة كبيرة.
لم تتوقف ظاهرة مقاومة الفريق الطبي والمكلف معه بالتوعية، إذ تعرض في إحدى رحلته لهجمة همجية من أهل
بادية تقع في ضاحية مدينة أنزريكوري وتسمى "وُومي"(Womé ) الذين نصبوا الكمين
للفريق المتكون من حاكم المنطقة مصحوبا بنائب مدير المستشفى الإقليمي وقسيس وعدد
مهم، فقطعوا عليهم الطريق وقتلوا منهم سبعة أو ثمانية في
الحال، ومثلوا بهم، ونجا آخرون بأعجوبة كبيرة ومنهم الحاكم، إنها حادثة فاقت كل
التصور، وهي من الانعكاسات السلبية للخطابات الدينية والأخبار الإعلامية غير
الهادفة. ولقد تم القبض على المنفذين وهم اليوم في قبضة العدالة، ولقد أثبتت هذه
الحادثة ضعف الجهاز الأمني في البلاد، وإلا كيف يمكن لنا أن نفسر مقتل هؤلاء
الأبرياء بهذه البساطة.؟؟؟؟
التدابير الجديدة:
ومنذ ذلك الحين رسمت الدولة سياسة جديدة للمكافحة، تمثلت في الحظر الشديد
الموجه إلى أجهزة الإعلام خصوصا تلك التي لا تلتزم بالمهنية الصحفية، وأما وزارة
الشئون الدينية فحظرت رجال الدين من إصدار الفتوى الاعتباطية في القضية، وشكلت
الدولة لجنة جديدة مكلفة بمتابعة تطورات الفيروس أسمتها : اللجنة الوطنية لمكافحة
فيروس الإبولا، وتضم الأطباء المتخصصين في الأوبئة من الغينيين والأجانب، ويرئسها
الطبيب: ساكوبا كيتا.
انعكاسات الإبولا:
لقد ترتبت على ظهور الفيروس في غينيا الانعكاسات السلبية الكثيرة الملموسة على
الدولة والمواطنين في كل المسارات، فالقطاع الاقتصادي يعتبر الضحية لأولى، إذ
توقفت فجأة الحركة الاقتصادية الداخلية والخارجية، برحيل معظم الأجانب من
المقاولين وأصحاب الشركات، وكذا بعض الدبلوماسيين، وتوقفت بعض الخطوط الجوية عن
الرحلة مثل الإمارات العربية المتحدة وغيرها وتقلص عدد الطائرات من خمسين رحلة
جوية في اليوم إلى أقل من ذلك، وخوت الفنادق التي كانت عامرة، ويعانى كثيرا التجار
البسطاء الذين صدت الحدود في وجوههم، وما تزال المدارس لم تفتح أبوابها حتى الآن
لأن هناك الحالة الصحية المستعجلة التي وضعتها الدولة منذ ظهور الفيروس.
وأكبر ما يمكن أن يسجل في إطار الآثار
السلبية الناجمة عن هذا المرض يكمن في منع حجاج جمهورية غينيا من الحج لهذا العام
1436 هــ، وهو الأول من نوعه يحصل للمواطن الغيني المسلم قتلك هي إرادة الله ومما
جرى به كتابه علينا فله الحمد على كل حال، ونسأله أن يعافينا مما كان السبب في منعنا
من أدائه هذا العام لنؤديه في القادم إنه على ذلك لقدير وبالإجابة لجدير.
الحالة الراهنة:
واليوم هناك سيطرة نسبية على الفيروس حيث لم تعد الإصابات كما كانت، وصارت
الحالات المشبوهة نادرة، ولقد بات المواطن يعي الخطورة مدركا أن ذلك بعيد عن
السياسة التي ضللتهم كثيرا، وكان من العجائب في القضية أن معظم الذين كانوا يضللون
الناس وينفون وجود أي احتمال للمرض أصيب بعضهم أو أقارب لهم فماتوا في الطاعون،
ولقد أعطت التوعية الجديدة التي أشرك فيها كل أفراد الشريحة الاجتماعية النتائج
الملموسة، بفضل الله الرحيم الذي لولاه لم يسجل أي نجاح، ثم بدعم المجتمع الدولي الذي
وفر للسلطة العمومية الآليات الصحية الضرورية لمكافحة الفيروس، فزودت المرافق
الحكومية والمساجد والكنائس والأسواق وأماكن العمل بالمضادات الطبية التي يتوفر
عليها الناس في منازلهم.
وليس هناك حاليا ما يؤرق مضجع الدولة أكثر
من مشكلة استئناف الدراسة، ولهذا نراها تكثف الاجتماعات وتنظم الندوات بأطر
المؤسسات التربوية العمومية والخصوصية من أجل اتخاذ التدابير الصحية التي من شأنها
تطهير الفضاءات التعليمية من أية فيروسات محتملة قد تربك الدراسة، والجهود متواصلة
من أجل افتتاح المدارس آجلا وهذا هو طموح آباء وأولياء أمور الطلاب والتلاميذ على حد
السواء ونسأل الله أن يتحقق حتى لا يخسروا الدراسة لهذا العام ولا يقعوا فيما يسمى
في اللغة الفرنسية بــ السنة البيضاء.
الحصيلة
من الصعوبة بالمكان إعطاء الحصيلة الحقيقية التي راحت ضحية الوباء، ومكمن هذه
الصعوبة أن الفيروس حينما كان مجهولا ظل يقتل في الصمت محدثا الوفيات الجماعية هنا
وهناك دون أن يعرف أحد طبيعة مثل هذا الموت غير المألوف، والضحايا في هذه المرحلة
الأولى غير معلومة العدد. وعند ما أكتشف لم يكن الكثير من المواطنين سواء المرضى
منهم أو المرضى من ذويهم يذهبون إلى المستشفيات لاسيما الذين ارتفعت درجة حرارتهم
فوق 36 المحدد من العلامات الأولية للفيروس مخافة أن يحتجزوا هناك، وقد عزز لديهم
هذه المخاوف أنهم كانوا يزعمون أن البيض هم الذين نشروا المرض في محيطهم لهذا
رفضوا الذهاب إلى أي مراكز للعلاج، وفي هذا الوقت لم يعرف أحد نسبة الوفيات التي
نجمت عن الفيروس في أشخاص كانوا على الأنواع التالية:
النوع الأول: المرضى الذين ماتوا في الصمت وتسببوا في
نقله إلى آخرين في محيطهم وهم الأكثر خصوصا في القرى والبوادي النائية.
النوع الثاني: الأطباء الذين عالجوا بعض
المصابين دون أن يدروا إصابتهم. ومعلوم أن هؤلاء الأطباء والمعالجين اللتقليديين
كانوا من الضحايا الأولى.
النوع الثالث: مرضى هربوا من بعض المراكز
الصحية واختفوا.
ومن أجل هذا وذاك يصعب ضبط الحصيلة، وبالرغم من ذلك فإن اللجنة الوطنية
لمكافحة الفيروس أعطت في دار الصحافة الأرقام عن الإصابات حسب الأقاليم وتتراوح
بين الحالة الثابتة والمشبوهة والوفيات. وقد نشرت منظمة الصحة العالمية أن إجمالي
الإصابات في الدول المنكوبة المتمثلة في جمهورية غينيا كوناكري، وليبيريا،
وسيراليون بلغت أربعة آلاف حالة، ونسبة الوفيات الكثيرة كانت من نصيب ليبيريا
وسيراليون لكون البنية الصحية فيهما أكثر هشة.
وفي الوقت الذي تكثف الدولة الجهود لمكافحة الإبولا بكل الطاقة المادية
والروحية فإذا بعصابة مجرمة من قطاع الطرق تعترض فريقا طبيا قادما من جهة غينيا
العليا وتسلب منه مبردا طبيا يدويا في إحدى الغابات التي توارت فيها مع المبرد الذي
يحتوي على عينات من دماء المشبوهين بالإصابة، كان الفريق آتيا بها إلى المختبر
بكوناكري لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة عليها، إن الدولة والمنظومة الصحية
العاملة معها في مجال مكافحة الفيروس قلقتان للغاية فيما يتعلق بمصير هذا الجهاز
الطبي المنهوب بذلك المحتوى الخطير جدا، ونسأل الله السلامة.
إن هذا العمل الإجرامي غير المسئول ليترجم عدم الأمن بالرغم مما تبذله الدولة
من نشر سريات دركية في طرقات الغابة، غير أن بعض الفلول ما تزال تقطع الطرق وتهدد أمن
المسافرين، وهذه المرة لم يصيبوا المال وإنما ذهبوا بالدماء الملوثة التي البحث
جار عنها الآن. والتساؤل يكمن هنا في: أين سيرمون بها؟؟؟ ألن يكون ذلك عاملا آخر
لنشر الفيروس مجددا.؟؟؟ نأمل أن يعثروا عليها في أقرب الآجال.
النصائح الطبية للوقاية:
ونصحت لجنة المكافحة بما يلي:
أولا: المداومة على غسل اليد بعد الخروج من الحمام.
ثانيا: تنظيف الأماكن خصوصا المطاعم.
ثالثا: عدم المصافحة حتى تزول المحنة.
رابعا: عدم استهلاك لحوم الحيوانات والطيور الغابية أيا كان نوعها.
خامسا: الإبلاغ عن الحالات المشبوهة.
سادسا: عدم مس أجسام المصابين أحياء أو أمواتا.
سابعا: تجنب استعمال الأشياء الخاصة بالغير من موس حلاقة وكل ما يمكن أن يحمل
إفرازاته.
ثامنا: الاتصال مجانا بهذا الرقم الخاص بالإبولا: 115 للإبلاغ عن أية حالة.
شكر شركاء الجمهورية:
بناء على المبدأ الإسلامي المتعلق بمكافأة من يسدي معروفا إلى أخيه الإنسان،
فإنني أشكر شركاء بلادنا ممن يساندوننا في محنتنا، والتي لم يكن لنا بها قبل لولا
عون الله ثم الوقوف الأخوي الذي صرفه كل الشركاء من مختلف الدول الإفريقية خصوصا
والعالمية عامة، وكذا كل المؤسسات والمنظمات الحكومية وغيرها ممن سارعت إلى نجدة
شعبنا مسعفة إيانا بكل ما هو أهم في هذا المجال.
وأخص بالشكر من الدول الإفريقية جمهورية مالي التي لم تقبل قط أن تسد حدودها
مع غينيا بالرغم من المطالبات المتعالية من بعض الأصوات داخل مالي، عكس جمهورية
ساحل العاج والسنغال اللتين كانتا من أوائل من أغلقت حدودها فور ثبوت ظهور المرض.
والشكر ذاته موصول إلى المملكة المغربية التي لم توقف رحلاتها الجوية مع
غينيا، بل وقبلت أن يلعب المنتخب الغيني كل مبارياته على أرضها الودية منها
والتصفية الأخيرة التي تأهل فيها المنتخب إلى كأس إفريقيا لهذا العام 2014م.ضد
نظيره الأوغندي.
والمساندة ذاتها قامت بها الجمهورية الفرنسية التي لم توقف هي أيضا رحلاتها
الجوية ولم تمنع سفر الغينيين إليها، والأهم من كل ذلك أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند
قام بتاريخ 28/11/2014م بزيارة رسمية
لغينيا والتي رفع بها معنويات الشعب الغيني الكئيب، وألقى في قمة الفرانكفونية التي
افتتح أعمالها يوم: 29/11م2014م بالعاصمة السنغالية دكار خطابا دعا فيه إلى مساعدة
غينيا بل وكل الدول المتضررة، مجددا مرة أخرى الاستعداد الفرنسي لمساعدة جمهورية
غينيا في حربها على الإبولا، مؤكدا أن
بلاده ستبني آجلا مركزا صحيا خاصا بالأطباء المصابين حتى يتم علاجهم في عين المكان،
في وقت أوقف كثيرون رحلاتهم الجوية بينما البعض الآخر كادوا يغلقون سفاراتهم أو
قنصلياتهم، بالصراحة لم يكن الموقف الإفريقي عدا ما ذكرته عن مالي والمغرب مشرفا،
لقد خيب آمال الغينيين. فما أكثر الأصدقاء في الرخاء ولكنهم في الشدائد
قليلون.!!!!
الخلاصة:
إن فيروس الإبولا يتسجل ضمن الفيروسات الوبائية التي ليست
إلا نتاجا سيئا لخروج الإنسان على حدود الله المرسومة، وما الأمراض الأخرى التي يعجز
الطب الحديث عن إيجاد المضادات لها إلا تحديا من الله الذي ما خلق داء إلا وله
دواء، وبإمكانه أن يهدي إلى الدواء، ولكنه يحجب ذلك عن الإنسان ليؤكد له جهله((
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) الآية.
ولقد تحدى سبحانه الإنسانية التي
تجاهر بانتهاك حرماته ليلا ونهارا في البر والبحر، فسلط عليها الإيدز الذي قتل وما
يزال يقتل الخلق العظيم، وقد مضى على ظهوره ما يناهز ثلاثين عاما، والأمر هذه
المرة يتعلق بالإبولا الذي يقول الأطباء بأن لا دواء ولا تطعيم موجود له حاليا، وقد
مضى على بروزه ما هم أكثر من أربعين سنة.
إن الإنسان لظلوم كبير، وظلمه هذه المرة يرتبط بتلك الحيوانات التي راح
يضايقها في عالمها بقتلها وإبادتها عدوانا، بل وإفساد طبيعتها بقطع أشجار الغابات
التي توفر لها الظلال الوافر تحتمي بها من الحرارة اللافحة، وبتلويث مياهها التي
ترتوي منها، لقد قتل الصيادون من هذه الدواب ما لا يعلمه إلا الله، إن المرء ليجد
في الأسواق الإفريقية عامة والغينية خاصة لحوم القرود والسعادين المنشورة للبيع
هنا وهناك، بل ويجد أيضا خراطيم الفيل التي تباد من أجل هذه المادة.
ولقد سخر الله تعالى للإنسان كل ما في هذه الأرض ومنها هذه الحيوانات التي جعل
لنا فيها الدفء والمنافع والتي منها نأكل، ولنا فيها الجمال والزينة بل وعليها
نروح ونسرح، وإنها تحمل أثقالنا إلى بلاد لسنا ببالغيها إلا بشق الأنفس كما قال
تعالى:((والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين
تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن
ربكم رءوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)) آيات من سورة النحل.
وللأسف الشديد تكاد هذه المنافع التي
وضعها الله في هذه الأنعام معدومة بظلم الإنسان لها وتجاوزها الحدود المعقولة في
استهلاكها الذي ليس إلا إبادة، أصناف أبيدت، وأخرى مهددة بالانقراض، وأخريات هجرت
قهرا، وأعتقد أن الله قد سمع شكواها فحماها بهذا المرض الذي سيجعل الإنسان يترك صيدها
وأكلها المفرط لحين، وبذلك ستتكاثر مرة أخرى وستزدان الغابة بجمال ورونق فائق إن
شاء الله.
إن جمهورية غينيا كوناكري متفشية فيها هذا النوع من الظلم، إضافة إلى تفشي
الفحش في برها وبرها، فالرقص الخليع المسمى محليا في لغة السوسو بـــــ: Farigneguiأي الرقص الماجن، وكذلك المثلية الجنسية والدعارة والكهول
وغيرها مما يمكن أن يوجب العقاب الإلهي لأية أمة ولأي شعب أيضا، ممارسة على مرأى
ومسمع الجميع، وهذه الأمور بجملتها كفيلة لأن يسلط الله على شعبنا جندا من جنوده
(( ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما)) الآية.
ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى فقال وهو الذي لا ينطق عن
الهوى: (( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون
والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا...)) (راجع الحديث بطوله في سنن
ابن ماجة في كتاب الفتن برقم 4009)
ومما لا شك فيه هو أن فيروس الإبولا واحد من هذا الطاعون الذي ما مضى قط في
أسلافنا في هذه البلاد منذ تأسيسها والله المستعان. ولقد ذكر الأطباء الطرق
الوقائية التي أسلفت الحديث عنها، ولكنهم جهلوا أمرا يعد السبب المباشر لإيجاد مثل
هذه الأمراض في الحياة الإنسانية وتتجسد في المعاصي التي تجلب سخط الله، لقد
انتظرنا كثيرا أن يوعوا الشعب بمخاطر المعصية على العباد والبلاد وللأسف الشديد لم
نسمع ذلك من تلك الفعاليات المكافحة.
وبما أن هذه البلاد يشكل المسلمون الغالبية العظمى من إجمالي سكانها، فإنني
أوصي المنظومة الإسلامية بتكثيف التوعية الأخلاقية حول تلكم الظواهر التي لا شك في
أنها مسببة للطاعون الذي يأخذ الله به العباد والبلاد كما قال تعالى:(( فكلا أخذنا بذنبه، فمنهم من
أرسلنا عليه حاصبا، ومنــهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من
أغرقنا، وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) العنكبوت 40.
وأما نحن فقد أخذنا الله بالإبولا ومن قبله بالسيدا، ولسنا ندري ما سيأخذنا به
غدا فاللهم ارفع غضبك وسخطك ومقتك عنا، (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا
طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)).
الآية
قصة طريفة
ومن طرائف القصص الغينية بخصوص الإبولا أن أسرابا من القرود والسعادين
والنمورد والأسود كانت تتنزه في إحدى غابات الجمهورية فالتقت صدفة بجماعة من
الصيادين الذين ما أن رأوا هذه الحيوانات حتى لاذوا بالفرار منها وأقدامهم تسبق
الريح وهي تطاردهم بكل السرعة صائحة بهم:
- توقفوا، توقفوا أيها الصيادون الجبناء، وإن لم تتوقفوا سوف نفترسكم جميعا.
وفعلا توقفوا وهم يرتجفون من الهلع
والذعر من هذه الأنعام المحيطة بهم فاغرة الأنياب الطويلة، فسألهم السعدون الكبير:
-فما هو السبب من هروبكم منا اليوم وقد كنتم بالأمس القريب تصطادوننا
وتقتلوننا فرادى فها نحن أمامكم أسراب فإذا بكم تهربون منا فهل تخافوننا أم ماذا.؟؟؟
أجاب كبار الصيادين:
-نحن اليوم لم نعد بحاجة إليكم وإننا لا نخافكم وإنما نخاف الإبولا الذي
تنقلونه إلينا والذي يبيدنا، فلسنا بحاجة إليكم ولن نعود إلى صيدكم مجددا أبدا.
فرحت الحيوانات بتصريحات الصيادين وملئت الغابة بصيحات الفرحة وزغاريد السرور،
وانطلقت سارحة في غابتها دون ما خوف من أحد، في حفل عظيم دعيت إليه الطيور
والحيوانات الأخرى التي تجمعت من غابات غينيا، وسيراليون، وليبيريا في حمى الله
الذي وهبها لها من خلال الإبولا، فلا أحدا يرغب فيها اليوم، ومنذ ظهور الفيروس
فإننا لم نعد نرى تلك اللحوم التي كانت تملئ الأسواق هنا وهناك وصدق المثل القائل:<< مصائب قوم عند قوم
فوائد>>
معطيات المقال:
-وزارة الصحة الغينية
-اللجنة الوطنية لمكافحة الإبولا بغينيا
-منظمة الصحة العالمية المكتب الفرعي بغينيا
-الصليب الأحمر
-ولمزيد من البيان حول الإبولا يمكن البحث في Google بهذا الاسم:Tout sur Ebola
د/كوناتي موسى عمر
كاتب وباحث من جمهورية غينيا كوناكري
الخميس 27/11/2014م الموافق:4/صفر/1436هــ
00224666560504
Kkonate65@gmail.com
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire